قبل أن تبدأ المتعة ،، لا تنسى الاجابة على الأسئلة في نهاية الموضوع ،،
بموازاة
نجومية ميسي و بروزه مع فريق نيولز، الماكينة 87، بدأ المحيطون بالصغير
يلحظون يوما بعد يوما قصر قامته و بطء نموه و هي المشكلة التي
أثارت
قلق العائلة بالدرجة الأولى، و النادي بالدرجة الثانية. تقول والدة ميسي
بهذا الشأن: "بدأنا نقارن بينه و بين أشقائه و كان من السهل جدا الانتباه
إلى
قصر
قامته مقارنة بعمره.". في يناير- كانون الثاني من عام 1997 و في العمر
التسعة سنوات كان طول ميسي لا يتجاوز مترا واحدا و 27 سم، و
لمواجهة
تلك المشكلة قررت العائلة و النادي عرضه على طبيب متخصص بمشاكل النمو عند
الصغار ، نتركه ليروي لنا احد فصول تلك الحكاية. دييغو
شوارزستاين
الطبيب المسؤول في مركز "العيادة الطبية" في مدينة روساريو: "أحضروا لي
ميسي و قالوا لي بأنه نجم كرة قدم موهوب، و ان علي
الاعتناء
بحالته. كانت مهمتي تتلخص في مساعدته على النمو". أدرك الاطباء بعد عدة
فحوصات ان المشكلة تتمثل في عدم مقدرة غدد النمو على انتاج احد
جينات
النمو، و أن الحل كان حقن ميسي بشكل يومي و لفترة علاج قد تمتد لسنوات
بالهرمون الناقص الذي كان يتم انتاجه بفضل الهندسة الجينية.
العيادة التي اتجه إليها ميسي في روساريو
طبيب ليو في روساريو دييغو شوارزستاين
كانت
العائلة تعاني كلما رأت ابن التسعة اعوام يهم في تحضير الحقنة و تزويد
جسده بها لوحده. لأكثر من عامين كانت البرغوث يختم ليلته بتزويد نفسه
بجرعات
هرمون النمو المحضر صناعيا، و الذي كان يحتفظ به في علبة موضوعه أعلى
خزانة ملابسه. خوان كالوس ليغوثمان صديق العائلة يتذكر تلك
التفاصيل
:"كان الصغير يجلس على السرير قبل النوم و يحضر الحقنة و يغرزها في قدميه
رافضا أن يقدم أحد له المساعدة. كان عمره 9 سنوات". يوما تلو
الآخر
كانت العائلة تشعر بالضيق بسبب معاناة ليو، لكن نوعا آخر من المعاناة كان
في الطريق. كانت التكلفة الشهرية للحقن تزيد على 1500 دولار و هي
التكلفة
التي ما كانت عائلة ليو قادرة حتى على التفكير في دفعها. يقول والد ميسي:
"كانت التلكفة باهظة للغاية و كنا عاجزين عن دفعها. كنت اعمل وقتها
في
وزارة المالية التي ساعدتني من خلال مؤسستها الخيرية و بالتعاون مع جمعية
"أثيندار" للأعمال الاجتماعية على دفع ثمن علاج ميسي خلال عامين
اثنين
فقط، رفضوا بعدها مواصلة مساعدتهم." على هذا النحو كان العلاج الضروري
لميسي و بالتالي مستقبله كإنسان و لاعب كرة في خطر. طرقت العائلة
جميع
الأبواب ولكن ما من مجيب و هو ما دفع والدي ميسي إلى الحديث مع نادي ليونز
الذي وافق بعد جهد و عناء على دفع تكلفة علاج الصغير، إلا إن
ذلك
لم يستمر إلا لعدة شهور. توجهت والدة ميسي منزعجة للغاية للحديث مع اداريي
الفريق. وصلت السيدة ثيليا كوتشوينو والدة البرغوث إلى مقر النادي و
التقت
بمدرب ميسي السيد ارنيستو فيتشيو و هددته قائلة: "لقد تكلمت معكم بشان
علاج ليو عدة مرات و نحن منزعجون بسبب توقفكم عن تحمل نفقات
علاجه سأقول لك شيئا واحدا و لن أعود بعدها للنادي، ان لم تكونوا قادرين على تحمل علاجه فسوف نتوجه لنادي آخر".
خسر
نادي نيولز في تلك الليلة من كان سيصبح بعد عشرة اعوام أفضل لاعب في
العالم، فقد نفذت العائلة تهديداتها حرصا منها على مواصلة علاج ابنها.
الوجهة
الثالثة للعائلة كانت في أحد أعرق الأندية الارجنتينية: ريفير بلايت.
استقل خورخي ميسي برفقة ابنه الصغير ليو الحافلة و توجهو من روساريو إلى
العاصمة
بوينوس آيرس من أجل عرض موهبة ليو على النادي. في اليوم التالي لوصولهما
توجها إلى احد ملاعب تدريب الناشئين التابعة للريفر و الواقعة
على
بعد عشرات الأمتار من ملعب "المونومنتال" الخاص في النادي لكي يشارك ليو
في احدى تجارب الناشئين. سأتوقف هنا عن الكلام و امنح الفرصة
لمن عاش اللحظة بشكل مباشر و أعني هنا خورخي ميسي: "اصطف اللاعبون الصغار خلف بعضهم البعض، و عندما حضر ميسي و نظرا لقصر قامته فقد
طلب
منه المشرف على التجربة، و بلا أي اكتراث، الوقوف في آخر الطابور. بدأ
المدربون في اختبار قدرات الصغار الكروية و لم يبدي احدا منهم أدنى
اهتمام
بليو، و كأنه لم يكن حاضرا. اقتربت من الحاجز (الشيك) الذي يفصل الحضو عن
الملعب و طلبت من المشرف اشراك ميسي باللعب إذ كانت التجربة
على
مشارف النهاية، و لكنه لم يصغي إلي". بعدة عدة دقائق، اقترب احد المدربين
من ميسي و سأله: "في أي مركز تلعب؟" فأجاب البرغوث: "في المركز
9"،
فرد عليه المدرب و بلا اي اهتمام: "ادخل و العب". دخل الصغير إلى ارضية
الملعب و مرت دقيقتان، بل دهران بالنسبة له و لوالده ، قبل أن تصله
الكره،
و عندها راوغ ليو لاعبين بحركة واحدة و سدد الكرة التي بذل الحارس جهدا
كبيرا في تحويلها لركنية. التفت المدرب المسؤول بحثا عن والد ذلك
الصغير
و سأل بصوت مرتفع: "من يرافق هذا الصغير". فأجابه خورخي ميسي: "أنا
والده". اقترب المدرب من خورخي و قال له: "نريده في الريفر".
عندها
شرح والد ميسي للمدرب ان ابنه يعتبر لاعبا في صفوف فريق نيولز في روزاريو
و ان على ادارة الريفر الحديث مع ادارة النيولز للبحث في انتقال
الصغير و هو ما رفضته ادارة فريق العاصمة خوفا من اضطرارها لدفع مبلغ مالي: كم ندموا على ذلك القرار الأحمق !!
رفض
الريفر التعاقد مع ميسي، و بدا للعائلة اكثر من أي وقت مضى ان حل مشكلة
ابنها لن يكون في بلاد التانغو. الاخبار عن وجود طفل اعجازي على
المستوى
الكروي كانت قد وصلت إلى عاصمة اقليم كتالونيا. اخذت الحكاية كلها منحى
آخر عندما أبلغ أحد الكشافة الباحثين عن المواهب الكروية في
الارجنتين
و الذي كان يتعاون مع نادي برشلونة لكرة القدم، أبلغ ادارة البلوغرانا
بوجود موهبة تستحق المتابعة عن كثب في مدينة روساريو الارجنتينية.
في
كانون الثاني – يناير من عام 2000 حط تقرير وصف بالعاجل على مكتب السيد
جوسيب ماريا مينغيلا الإداري في البارسا آنذاك (ترشح لاحقا لمنصب
رئيس
النادي في انتخابات عام 2003 و حصل على 1867 صوتا) حول الصغير ليو لكنه لم
يعره اهتماما في البداية إلا ان توالي التقارير من روزاريو
أجبرته
في النهاية على الخضوع. نقل مينغيلا محتوى التقرير لإدارة البارسا التي
كان على رأسها آنذاك جوان جاسبارت الذي رفض البحث في الموضوع
بسبب
صغر سن ميسي قبل أن يعبر عن انانية مقيتة و ضيق أفق شديد و تفضيل للمصالح
الشخصية الآنية عندما رد على الملحين على اختبار ليو في البارسا
:"حتى لو أصبح أفضل لاعب في العالم فلن أكون رئيسا للبارسا وقتها".
فاتح
مينغيلا السيد كارليس ريكساك و الذي كان يشغل آنذاك منصب المساعد الأول
للهولندي لويس فان غال في قيادة الفريق الأول، فاتحه بموضوع ميسي
إلا
ان رد ريكساك لم يختلف بتاتا عن موقف رئيس النادي: "هل أنت مجنون يا
مينغيلا، نحن بحاجة للاعبين في عمر الثمانية عشر عاما لرفد الفريق الأول
و انت تحدثني عن طفل في عمر الثانية عشرة".
جوسيب ماريا مينغيلا
كارليس ريكساك
لم
يستسلم مينغيلا لرفض و سلبية الادارة و المدربين و هو ما دفعه لإجراء
مكاملة هاتفية حاسمة من مدينة برشلونة إلى مدينة سيدني الاسترالية في
أيلول –
سبتمبر
من العام 2000 للحديث مع ريكساك الذي كان متواجدا وقتها في دورة الالعاب
الاولمبية، للحديث حول الصغير ليو. على اثر ذلك الاتصال التزم
مساعد
مدرب الفريق الأول بدعوة ليو و عائلته، بعد عودته من سيدني، للحضور إلى
عاصمة الاقليم الكتالوني من أجل الاطلاع عن قرب على قدرات
ميسي.
أقامت العائلة في فندق بلازا القريب من الميناء الاوليمبي لمدة أسبوعين،
في حين تاخرت عودة ريسكاك من استراليا، فقررت العائلة العودة إلى
الارجنتين.
رن الهاتف ليلة الأربعاء الثالث من تشرين الأول – اوكتوبر في الغرفة التي
كان يقيم فيها والد ميسي في فندق بلازا، كان على الطرف الآخر
السيد
مينغيلا الذي طلب من العائلة التريث يوما واحدا فقط لان ريكساك كان سيصل
إلى برشلونة صبيحة اليوم التالي و أن على العائلة الحضور إلى أحد
ملاعب
التدريب القريبة من الكامب نو صبيحة يوم الجمعة لكي يشرف ريكساك شخصيا على
اختبار اللاعب الذي مدحته العديد من تقارير كشافة النادي و
جواسيسه.
فندق بلازا مقر اقامة عائلة ليو.
صورة للبطل في غرفته في الفندق
و في
صبيحة الجمعة تلك و تحديدا في ملعب الصغار رقم "3" أقيمت مباراة بين
فريقين من ناشئي البارسا و شارك الطفل القادم من بلاد التانغو ضد لاعبين
كانوا
يكبرونه بعامين. تصادف دخول السيد كارليس الذي وصل إلى الملعب متأخرا عدة
دقائق على بداية اللقاء ، مع وصول الكرة إلى ليو الذي لم يتاخر
وقتها
عن عمل مالم يتوقف إلى يومنا هذا عن القيام به: راوغ بعض لاعبي الخصوم و
سجل هدفا. تسائل ريكساك عن هوية ذلك اللاعب الذي كان يبرز
بسبب
مهاراته و قصر قامته، فاجابوه: هذا هو الارجنتيني الذي كان عليك ان
تختبره. رد ريكساك بشكل حاسم: "علينا التعاقد معه في أسرع وقت. لا
للتأخير".
توجه المدرب إلى والد ميسي و سأله: "كم من الوقت مكثتم في برشلونة؟"
فأجابه خورخي: "15 يوما"، رد ريكساك: "لقد بدننا من وقتنا و وقتكم
14 يوما، علينا الاسراع في اجراءات التعاقد معه".
بعد
يومين حزمت عائلة ميسي حقائبها و عادت إلى روزاريو. و لكن في برشلونة لم
تكن امور التعاقد مع الصغير قد حسمت بعد بسبب معارضة بعض
الاداريين
لتلك الخطوة متعللين بـ"حجم ليو الضئيل"، فيما اقترح البعض الآخر الحاقه
بفريق "كرة القدم للصالات". مر شهران و لم يتبلور التزام البلوغرانا
بالتعاقد
مع نجم روساريو بعد. اتصلت عائلته بالسيد مينغيلا الذي ألح على ريكساك
الاسراع بالامور قبل أن تدخل على الخط اندية أوروبية اخرى. التقى
الاثنان
في أحد المطاعم القريبة من شاطئ "لا بارثيلونيتا" الواقع على ساحل المتوسط
و في ذلك المطعم البرشلوني الذي يشكل جزءا من مجمع رياضي
متكامل،
تناول ريكساك منديلا ورقيا من الطاولة التي كان يجلس عليها و كتب ما يلي:
"أنا كارليس ريكساك المدرب المساعد لفريق برشلونة لكرة القدم
أعلن
عن اتخاذ القرار الملزم بالتعاقد مع ليونيل ميسي في حال الاتفاق على
الشروط و المبالغ المالية بين الطرفين." قام ريكساك شخصيا بصياغة و توقيع
تلك الوثيقة النادرة في الرابع عشر من كانون الأول – ديسمبر لعام 2000.
صورتان للمنديل الورقي،، وثيقة نادرة للغاية .
المطعم الذي جرى فيه توقيع "العقد المنديل".
وصلت
المعلومة إلى عائلة ميسي في الارجنتين فجرى استدعائها بعد شهر من ذلك من
أجل توقيع العقد الرسمي. كان على ليو قبل ذلك أن يقرر ما إذا كان
قادرا
على ترك المدينة التي ترعرع فيها و الانتقال إلى برشلونة. جلست العائلة
بأكملها حول طاولة غرفة الجلوس للحديث عن الموضوع و اتخاذ رأي
موحد.
فاجأهم ميسي برغبته العارمة للانتقال لممارسة معشوقته الاولى في نادي
عالمي كبير بحجم البارسا. بناء على رغبة الصغير اقلعت العائلة مجددا
على
متن احدى رحلات الخطوط الجوية الاسبانية "ايبيريا" إلى مدينة برشلونة و
أقامت في أحد الفنادق القريبة من مسرح الكرة العالمي: الكامب نو. و على
الرغم
من قرب المسافة بين مقر اقامة ليو و الكامب نو إلا أن الصغير مر لاحقا،
كما مرت عائلته أيضا، بظروف عصيبة و حرجة للغاية جراء اصدامها
باجراءت
الاقامة و الهجرة الاسبانية بالإضافة إلى عوامل نفسية أخرى اهمها الابتعاد
عن الوطن الام و البيئة الثقافية الجديدة التي كان يتحتم عليهم التلائم
معها
بسرعة. تسائلت العائلة فيما إذا كانت تجربة ميسي مع البارسا و احتمالات
نجاحه تستحق كل تلك المعاناة و قرر حينها خورخي ميسي أن يعود الجميع
إلى
روزاريو و التخلي عن حلم ابنه نظرا لصعوبة الظروف التي واجهوها آنذاك، و
هو القرار الذي اصطدم بشجاعة والدة ليو التي قالت لزوجها "ساعود
أنا
برفقة ماتياس و رودريغو إلى روزاريو بينما تبقى أنت برفقة ميسي هنا في
برشلونة"، و هو ما تم بالفعل. وقع ليو ميسي عقده الاحترافي الاول مع نادي
برشلونة في الأول من آذار لعام 2001، و منذ ذلك اليوم بدأت رحلة نجومية و ابداع لم تعرف أي حدود.
والدة ميسي اتخذت قرارا شجاعا انعكس على مستقبل صغيرها،،
يشعر
خورخي ميسي وثيليا كوتوشينو و شقيقا ميسي و كل من عاشره طفلا في ذلك الحي
الفقير من مدينة روزاريو بالفخر الشديد عندما يستمعون لجماهير
البارسا و الأرجنتيني و هي تتغنى :" ميسي،، ميسي"، و هو ما يعتبره "والد البرغوث" كـ"أفضل ما يمكن ان يشعر به أب".
خرج
الطفل ليونيل خورخي اندريس ميسي من رحم العوز و الحرمان و دخل إلى مسرح
النجومية المطلقة بفضل فلسفته الخاصة: اللعب من اجل الاستمتاع
و
الإمتاع، و هي الفلسفة التي جعلته متربعا على عرش الكرة في كوكب الأرض حتى
قبل أن يبلغ عامه الثاني و العشرين، و قائدا للفريق الأول في نادي
برشلونة لكرة القدم. باختصار و كما يعرفه أقرب الناس إليه: "ليونيل ميسي،، ولد ليلعب كرة القدم".
نجم البارسا الأوحد و ،،،
ملك الكرة العالمية
صورة لذاكرة قراء الفورسا ،،
شركة أثيندار للاعمال الاجتماعية،، ساهمت في تحمل نفقات علاج ميسي خلال عامين.
الملعب رقم "3" جواز سفر ميسي للكامب نو.
العائلة بالنسبة لميسي: الحب و الحماية و التضامن.
ليو برفقة ماتياس و رودريغيث
باقي الحكاية ،، تعرفونها جيدا ،،،